أول عربية تعالج الأمراض العضوية والنفسية بالألوان د. دانية آل غالب لـ( صحيفة الجزيرة ):

عالجنا حالات مستعصية منها «الصدفية» و«أمراض القلب» و«الروماتيزم»

صحيفة الجزيرة – العدد 13722
مادة مؤرشفة نشرت السبت 24/04/2010

تفاصيل نشر المادة الصحفية


جدة – غادة محمد

درسنا في مادة الفيزياء أن اللون الأبيض حين نسلط أشعته على قطعة منشور من الزجاج هرمية الشكل تظهر لنا ألوان الطيف، فنتعجب ونمعن النظر في الألوان التي تغيِّر في نفسيتنا دون أن نشعر، فهل بالفعل أن هذا دلالة على وجود علم مفيد وممتع معاً؟ في الوقت الذي لم نجد فيه ما يثبت أن الألوان تعالج الأمراض، وتساهم في تحسين المزاج، وتعديل مسار التفكير قبل اتخاذ القرارات، غير آبهين بذلك الفصل الذي في كتاب القانون لابن سينا الذي يشير من خلاله إلى تأثير الألوان الرئيسة على الفرد، فما بين مؤيد ومعارض لهذا العلم نجد أنه علم يدعم في الغرب، فها هي الدكتورة دانية آل غالب أول عربية سعودية تحصل على الدكتوراه في تحليل الشخصية بالألوان الباطنية والعلاج بالألوان، وهي تروي لنا أكثر ما آلمها حين قررت خوض هذه التجربة ونجحت فيها رغم كثرة المعارضات والتهميش في مجتمعاتنا العربية .


من هي الدكتورة دانية آل غالب ؟

– دانية آل غالب إنسانة شغفت بالعلم والمعرفة شغفا عظيما، وعشقت القراءة والاطلاع والانطلاق في فضاءات العلوم على اختلافها، أعطاني الله أدوات التأمّل والتفكّر والبحث في الأعماق والأغوار، فوظّفتها في تأمّل كل ما حولي والبحث وراء الأسرار، كنت ومازلت أقف عند لوحات الطبيعة التي تجسّد عظمة خلق الله وبديع صنعه، فأجد الدموع تقفز إلى عيني إجلالا وإعجابا، فكم تسمّرت أمام الألوان المتمازجة في لوحة الشفق، وكم قلت «سبحان الله» وأنا أقف أمام شموخ جبل انعكست على قمته أشعة الشمس، وكم أذهلت الطبيعة الخضراء لغتي فعجزت أن أصف روعة جمالها، ألوان الطبيعة ولوحتها البديعة كانت دوما ملهمتي في البحث عن أسرار هذا الإعجاز.

من أين كانت نقطة الانطلاق الفعلية في علم الألوان الباطنية؟

من هنا كان الاهتمام بعلم الألوان، وكشف أسرارها وسبر أغوارها والتعرّف على معجزة الألوان، فأخذت أبحث عن كل كلمة ومؤلّف كتب عن الألوان وأسرارها وتأثيراتها على الإنسان والحياة، وعدت إلى القرآن أتأمّل آياته وإشاراته إلى التأثيرات النفسية للألوان، فوجدت أن الألوان إحدى معجزات الله التي ذكرها في القرآن وأمر بالنظر إليها والتفكّر فيها وتأمّلها، فمن المعجزات ما سخَّره الله لنا من ألوان يقول تعالى: ?وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ?، هذه الآية تؤكّد على وجود معجزة في الألوان، وأنه يجب علينا أن نتفكّر فيها ونسبّح الله تعالى، لنزداد إيماناً وتسليماً لهذا الخالق العظيم، ومن عجائب الألوان أن ذكرها ورد في القرآن بالجمع (ألوان) سبع مرات بعدد ألوان الطيف الضوئي.

كيف حصلتِ على شهادة الدكتوراه في هذا العلم ؟

– لقد منّ الله عليّ أن استطعت الإبحار عميقا في هذا العلم، وهو علم الألوان الباطنية، فاكتشفت كم فيه من أسرار وإعجاز وفائدة عظيمة فآثرت أن أحوّل هذا البحث إلى رسالة علمية موثّقة تستند على الأدلة والبراهين والتجارب التي منّ الله عليّ بها، واستطعت تطبيقها في مجال تحليل الشخصيات، وفي مجال العلاج بالألوان.

ولأن هذا العلم غير معروف محلّيا وعربيا بشكل جيّد، بل قد يكون مجهولا، ولأن المراجع فيه منعدمة كنت بحاجة إلى جامعة تتبنّى هذا الطرح والفكر والبحث وتدعمه مؤمنة بأهمّية دعم الفكر العربي والاجتهاد في العلوم، والحمد لله أن وُفّقت في ذلك وقدّمت أوّل أطروحة دكتوراه عربية في هذا العلم.

ما الذي تغيّر قبل وبعد حصولك عليها ؟

ومن حيث التغييرات فلا أنكر أن هناك العديد من التغيّرات التي حدثت، ويمكن تسميتها إضافات على المستوى الشخصي والعلمي، فعلى المستوى الشخصي أشعر بالزهو والامتنان لفضل الله تعالى الذي كتب لي السبق في هذا المجال، وسعادتي لا توصف بالحالات التي جرى علاجها بالألوان ونجح معها، والتي شفيت بفضل الله، كما ساعدني علم الألوان الباطنية في مجال العلاج النفسي والسلوكي للحالات التي تأتيني لاستشارات نفسية وسلوكية، وكل النتائج بفضل الله كانت مذهلة.

هل تتبعين طريقة محددة لتحليل الشخصية ؟

scher طريقة لتحليل الشخصية من خلال معرفة اللون المفضل، إذ لاحظ أن الألوان التي يفضّلها شخص ما لها علاقة بالحالة النفسيّة له، وهذا العلم يسمى الآن بسيكولوجية الألوان، فكلّ اختيار للون معيّن دليل على شخصية معيّنة، ومعالم هذه الشخصية تروي أسرارها الألوان بعلاقتها الخاصة، بينما لا يرتكز علم الألوان الباطنية على اختياراتنا من الألوان أو ما نحب ونكره، بل يقوم على حقيقة أن الألوان قائمة في الكيان البشري، وكامنة في مكوّنات أجسامه الباطنية الخفية.

ماذا عن تأثير الألوان على الإنسان ؟

علم النفس الحديث أكّد على أن للألوان تأثيرا في الإنسان، سواء من حيث الصحة الجسدية، أو الحالة النفسية أو الفكرية، حيث صار لزاماً علينا أن نقدّم هذا العلم الباطني، شارحين جوانبه كافة وموضّحين الجانب الذي سها عن البال وغاب عن معرفته العديد من علماء النفس إنه ذلك البعد الباطني الذي يحتضن الحقيقة، هذا بالإضافة إلى مفاهيم جديدة لعلم العلاج بالألوان، فهناك شقّان لهذا العلم: (الشق الأول) العلاج بالألوان وهو الذي يتناول حالة مرضيّة ويعالجها عن طريق الألوان، و(الشق الثاني) إعادة الاتزان بالألوان، وهذا ما يحتاجه كل شخص منّا سواء كان صغيرا أو كبيرا، فالألوان تعمل على إعادة اتزاننا النفسي والفكري والجسدي إذا ما أحسنّا التعامل معها وعرفنا ما يناسبنا وما لا يناسبنا منها.

هل حدثتينا عن الاعتقادات والمعتقدات وعلاقتهما بالألوان ؟

سادت العديد من المعتقدات حول العلاج بالألوان، وهذا العلم الباطني يأتي ليقلب العديد من المفاهيم، فمثلا ساد الاعتقاد أن اللون الأحمر لون يتسبب في رفع الضغط، وبالتالي لا يحسن استعماله من قبل مرضى الضغط العالي، وهذا فيه جانب جزئي من الحقيقة، لكن كثيرا من الحالات المريضة بالضغط العالي عالجتها بفضل الله باللون الأحمر، وهذا ارتكاز على حقيقة أننا لا نعالج مرضا بل نعالج مريضا، أي ما يكون مفيداً لمريض وناجعاً معه ليس بالضرورة أن ينجح مع مريض آخر عنده المرض نفسه، بل قد يكون مؤذياً وذا تأثير سيء جداً عليه.

ما علاقة حديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم حين قال: «الأرواح جُنود مُجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف» بفعالية تأثير الألوان على الأفراد ؟

– مزج الله عزَّ وجل جسم الإنسان بعناصر وموجات كهربية وإشعاعات تتجانس مع الأشعة الكونية والموجات الكهرومغناطيسية والذبذبات اللونية، ولكل شخص إشعاعات خاصة تختلف في طول الموجة والتردد وعدد الذبذبات عن غيره، تمامًا كالبصمات، وكل إنسان يرسل حوله إشعاعات خاصة به ويستقبل من الآخرين إشعاعات أخرى، فإذا كانت متقاربة نتج عن ذلك تفاهم ومحبة قوية، وإذا كانت متنافرة نتج عنها العكس، وقد يكون هذا تفسيرًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

علمنا دوماً بأن اختيارات الإنسان لألوان معيّنة وميله لها وتفضيله لبعضها يمكّننا من معرفة الكثير عن شخصيته، فما الفرق بين هذه النظرية ونظرية العلم الذي تخصّصت فيه ؟

– علم الألوان الباطنية ليس له علاقة باختيارات الإنسان للألوان المفضّلة، فهو أحد العلوم الإنسانية التي تختص بمكوّنات الإنسان الباطنية الخفية، ويهتم بالألوان كونها قائمة في الكيان البشري، وكامنة في مكوّنات أجسامه الباطنية الخفية، ومن خلال هذه الألوان الباطنية نستطيع أن نحلّل شخصية كل إنسان تحليلا دقيقا جدا، كما نستطيع أن نتعرّف على الأمراض المصاب بها فعليا أو التي من المحتمل إصابته بها، فعلم الألوان يؤثر تأثيراً بالغاً في شخصية الإنسان وتكوينه.

إن تأثير اللون في الإنسان بعيد الغور، وقد أجريت تجارب متعدّدة بيّنت أن اللون يؤثّر في إقدامنا وإحجامنا، ويشعر الإنسان بالحرارة والبرودة والسرور والكآبة، بل يؤثّر في شخصية الرجل وفي نظرته إلى الحياة.

يقال منذ الأزل إن لكل داء دواء، لكن يبدو أن الحاصل أن لكل داء لون، فهل بالفعل أن اللون يقضي على الأمراض ؟

– للألوان قدرة على علاج الأمراض العضوية والنفسية، ولكن أودّ أن أوضّح أنه ليس لكل داء لون، بل لكل مريض ألوان يعالج بها، وما يكون ناجعا مع شخص لمرض معيّن، لا يعني أن الآخر يعالج من نفس المرض بنفس اللون، لذا لا يمكن تعميم علاج معين لكل المرضى المصابين بنفس المرض.

نعلم بأن التداوي بالألوان له مزايا عديدة تستند إلى مبادئ تشرح التأثيرات العلاجية للألوان على الإنسان فما هي ؟

– نتائج العلاج بالألوان مرضية لدرجة كبيرة، وأهمّ مزايا هذا العلاج أنه لا يترك مخلفات مؤذية تحتم على الجسم أن يعمل بجد لطرحها كما هو الحال مع المواد الكيميائية المكوّنة للعقاقير، وقد استخدم اللون في الحضارات القديمة كطاقة استشفائية، وقد عرف المصريون القدماء طاقة اللون واستعملوه على نطاق واسع، ولاحظوا قوّة تأثير أطياف اللون على الجسد، ثم جاءت الأبحاث الحديثة مثل علم الفيزياء وعلم ما وراء الطبيعة لتكشف النقاب عن حكمة القدامى باستخدام اللون في المعالجة وشفاء الأمراض والاختلافات الجسدية من خلال تطبيق أشعة من الضوء الملون على الجسم، كما أن العرب المسلمين اهتموا بآثار الألوان العلاجية، فقد جاء في كتاب «القانون» للعلامة العربي «ابن سينا» إشارة إلى تأثير الألوان الرئيسة على الفرد فوجد أن الأحمر على سبيل المثال يثير الدم بينما الأزرق يهدئه.

متى تم الاهتمام بالتداوي بالألوان فعلياً ؟

– بدأ الاهتمام بالتداوي باللون ويسمى أحيانا Chromo therapy في أوروبا والولايات المتحدة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وهناك العديد من الدراسات والأبحاث التي أجريت لتؤكّد تأثير الألوان على صحة الإنسان.

ما هي طرق المعالجة بالألوان ؟

– لها أكثر من طريقه وهي:(ارتداء الملابس الملوّنة)، (التغذية والألوان)، (المعالجة بأشعة الشمس)، (حمل الأحجار الكريمة)، (المصباح المعدّ للمعالجة بالألوان)، (تصور الألوان الشافية وامتصاصها بوساطة التنفس)، (استحمام المريض بضوء يشع عبر مرشح «فلتر» ذي لون معين لفترة محددة)، (اليوجا)، (التصور، وهو تخيل الإنسان أنه موجود في مكان ممتلئ بطاقة اللون).

ماذا عن الحالات التي قمت فعلا بعلاجها ؟

– بفضل الله نجحنا نجاحا عظيما، منها حالات نفسية، والكثير منها أمراض عضوية جسدية، آخرها كان علاج فتاة عشرينية من داء الصدفية الذي كانت تعاني منه منذ أكثر من خمس سنوات، وهناك حالات طبية لم تجد حلا عولجت وشُفيت بالألوان، فمرض الصدفية تلاشى بنسبة 90% خلال أسبوعين وما نزال نتوقع القضاء على 10% المتبقية خلال الأيام القادمة بإذن الله، كما عالجت بفضل الله حالة تعاني من تقلّصات شديدة في المعدة، وأخرى تعاني من اضطرابات وخفقات القلب وضيق في التنفس لم يجد الطب التقليدي لها تفسيراً، وحالات آلام مزمنة في المفاصل وروماتيزم، وحالات حساسية جلدية وجيوب أنفية، وغيرها من الحالات المريضة عضويا، ناهيك عن العديد من الأمراض النفسية.

إلى ماذا يهدف علم التداوي بالألوان ؟

– يجدر بي أولا أن أذكر أن هناك ما يسمّى العلاج بالألوان، وهو لعلاج الحالات المرضية، وهناك ما يسمّى إعادة الاتزان بالألوان، أي إعادة التوازن بين طاقات الجسم وبناء هيكلية نفسية للجسد عن طريق الذبابات اللونية التي تبث الحيوية في الجسم، وهذا ما يحتاجه كل فرد منا سواء كان مريضا أو غير مريض، صغيراً أو كبيراً، وكل هذا يعتمد على فهم الألوان الباطنية لكل شخص وعلاجه بالألوان التي تناسبه، لذا أكرّر أن اللون الذي يمكن أن يعالج شخصاً لا يعني أنه ناجع مع آخر، فقد يكون هناك مريضان بنفس المرض لكن كل منهما يعالج بألوان مختلفة تماما.